فصل: تفسير الآيات (31- 32):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآيات (20- 24):

{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)}
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} يعني نفخة البعث، {ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} أي: ذلك اليوم يوم الوعيد الذي وعده الله للكفار أن يعذبهم فيه. قال مقاتل: يعني بالوعيد العذاب، أي: يوم وقوع الوعيد.
{وَجَاءَتْ} ذلك اليوم، {كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ} يسوقها إلى المحشر {وَشَهِيدٌ} يشهد عليها بما عملت، قال الضحاك: السائق من الملائكة، والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. وقال الآخرون: هما جميعًا من الملائكة، فيقول الله: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا}. {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} اليوم في الدنيا، {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} الذي كان في الدنيا على قلبك وسمعك وبصرك، {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} نافذ تبصر ما كنت تنكر في الدنيا. وروي عن مجاهد قال: يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك.
{وَقَالَ قَرِينُهُ} الملك الموكل به، {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} مُعَدٌّ محضر، وقيل: {ما} بمعنى من، قال مجاهد: يقول هذا الذي وكلتني به من ابن آدم حاضر عندي قد أحضرته وأحضرت ديوان أعماله، فيقول الله عز وجل لقرينه: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} هذا خطاب للواحد بلفظ التثنية على عادة العرب، تقول: ويحك ويلك ارحلاها وازجراها وخذاها وأطلقاها، للواحد، قال الفراء: وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه وسفره اثنان، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ومنه قولهم في الشعر للواحد: خليليَّ. وقال الزجَّاج: هذا أمر للسائق والشهيد، وقيل: للمتلقيين. {كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} عاص معرض عن الحق. قال عكرمة ومجاهد: مجانب للحق معاند لله.

.تفسير الآيات (25- 30):

{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)}
{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} أي للزكاة المفروضة وكل حق وجب في ماله، {مُعْتَدٍ} ظالم لا يقر بتوحيد الله، {مُرِيبٍ} شاك في التوحيد، ومعناه: داخل في الريب.
{الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} وهو النار.
{قَالَ قَرِينُهُ} يعني الشيطان الذي قُيِّضَ لهذا الكافر: {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} ما أضللته وما أغويته، {وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} عن الحق فيتبرأ عنه شيطانه، قال ابن عباس وسعيد بن جبير ومقاتل: {قال قرينه} يعني: الملك، قال سعيد بن جبير: يقول الكافر يا رب إن الملك زاد عليّ في الكتابة، فيقول الملك {ربنا ما أطغيته}، يعني ما زدت عليه وما كتبت إلا ما قال وعمل، ولكن كان في ضلال بعيد، طويل لا يرجع عنه إلى الحق.
{قَالَ} فيقول الله {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} في القرآن وأنذرتكم وحذرتكم على لسان الرسول، وقضيت عليكم ما أنا قاض.
{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} لا تبديل لقولي، وهو قوله: {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة- 13]، وقال قوم: معنى قوله: {ما يبدل القول لدي} أي: لا يكذب عندي، ولا يغير القول عن وجهه لأني أعلم الغيب. وهذا قول الكلبي، واختيار الفراء، لأنه قال: {ما يبدل القول لدي} ولم يقل ما يبدل قولي. {وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} فأعاقبهم بغير جرم.
{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ} قرأ نافع وأبو بكر {يقول} بالياء، أي: يقول الله، لقوله: {قال لا تختصموا}، وقرأ الآخرون بالنون، {هَلِ امْتَلأتِ} وذلك لما سبق لها من وعده إياها أنه يملؤها من الجنة والناس، وهذا السؤال من الله عز وجل لتصديق خبره وتحقيق وعده، {وَتَقُولُ} جهنم، {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} قيل: معناه قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلىء، فهو استفهام إنكار، هذا قول عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان. وقيل: هذا استفهام بمعنى الاستزادة، وهو قول ابن عباس في رواية أبي صالح، وعلى هذا يكون السؤال بقوله: {هل امتلأت}، قبل دخول جميع أهلها فيها، وروي عن ابن عباس: أن الله تعالى سبقت كلمته {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة- 13]، فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء، فتقول: ألست قد أقسمت لتملأني؟ فيضع قدمه عليها، ثم يقول: هل امتلأت؟ فتقول: قط قط قد امتلأت فليس فيّ مزيد.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، أخبرنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال جهنم تقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول قط قط وعزتك، ويزوي بعضها إلى بعض، ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله خلقًا فيسكنه فضول الجنة».

.تفسير الآيات (31- 32):

{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)}
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} قُرِّبت وأُدْنِيَت، {لِلْمُتَّقِينَ} الشرك، {غَيْرَ بَعِيدٍ} ينظرون إليها قبل أن يدخلوها.
{هَذَا مَا تُوعَدُونَ} قرأ ابن كثير بالياء والآخرون بالتاء، يقال لهم: هذا الذي ترونه ما توعدون على ألسنة الأنبياء عليهم السلام، {لِكُلِّ أَوَّابٍ} رجاع إلى الطاعة عن المعاصي، قال سعيد بن المسيب: هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب. وقال الشعبي ومجاهد: الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها. وقال الضحاك: هو التواب. وقال ابن عباس وعطاء: المسبح، من قوله: {يا جبال أوبي معه} [سبأ- 10] وقال قتادة: المصلي. {حَفِيظٍ} قال ابن عباس: الحافظ لأمر الله، وعنه أيضًا: هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها. قال قتادة حفيظ لما استودعه الله من حقه. قال الضحاك: الحافظ على نفسه المتعهد لها. قال الشعبي: المراقب. قال سهل بن عبد الله: المحافظ على الطاعات والأوامر.

.تفسير الآيات (33- 37):

{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} محل {من} جر على نعت الأواب. ومعنى الآية: من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره. وقال الضحاك والسدي: يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد. قال الحسن: إذا أرخى الستر وأغلق الباب. {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} مخلص مقبل إلى طاعة الله.
{ادْخُلُوهَا} أي: يقال لأهل هذه الصفة: ادخلوها أي ادخلوا الجنة {بِسَلامٍ} بسلامة من العذاب والهموم. وقيل بسلام من الله وملائكته عليهم. وقيل: بسلامة من زوال النعم، {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ}.
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا}، وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاؤوا، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه، وهو قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}، يعني الزيادة لهم في النعيم ما لم يخطر ببالهم. وقال جابر وأنس: هو النظر إلى وجه الله الكريم.
قوله عز وجل: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ}، ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا، وأصله من النقب، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق، {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} فلم يجدوا محيصًا من أمر الله. وقيل: {هل من محيص} مفر من الموت؟ فلم يجدوا منه مفرًا، وهذا إنذار لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرًا عن الموت يموتون، فيصيرون إلى عذاب الله.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ}، فيما ذكرت من العبر وإهلاك القرى، {لَذِكْرَى}، تذكرة وعظة، {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}.
قال ابن عباس: أي عقل. قال الفراء: هذا جائز في العربية، تقول: ما لك قلب، وما قلبك معك، أي ما عقلك معك، وقيل: له قلب حاضر مع الله. {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، استمع القرآن، واستمع ما يقال له، لا يحدث نفسه بغيره، تقول العرب: ألق إليّ سمعك، أي استمع، {وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه.

.تفسير الآيات (38- 40):

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)}
قوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}، إعياء وتعب.
نزلت في اليهود حيث قالوا: يا محمد أخبرنا بما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة؟ فقال: «خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين، والجبال يوم الثلاثاء، والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء، والسموات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة، وخلق في أول الثلاث الساعات الآجال، وفي الثانية الآفة، وفي الثالثة آدم»، قالوا: صدقت إن أتممت، قال: وما ذاك؟ قالوا: ثم استراح يوم السبت، واستلقى على العرش، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليهم.
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}، من كذبهم فإن الله لهم بالمرصاد، وهذا قبل الأمر بقتالهم، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}، أي: صلِّ حمدًا لله، {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ}، يعني: صلاة الصبح، {وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}، يعني: صلاة العصر. وروي عن ابن عباس قال: {قبل الغروب} الظهر والعصر.
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ}، يعني: صلاة المغرب والعشاء. وقال مجاهد: {ومن الليل} أي: صلاة الليل أي وقت صلي. {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} قرأ أهل الحجاز وحمزة {وإدبار السجود} بكسر الهمزة، مصدر أدبر إدبارًا، وقرأ الآخرون بفتحها على جمع الدبر.
قال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والحسن، والشعبي، والنخعي، والأوزاعي: {أدبار السجود} الركعتان بعد صلاة المغرب، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر. وهي رواية العوفي عن ابن عباس. وروي عنه مرفوعًا، هذا قول أكثر المفسرين.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الجبار الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا أبو أيوب الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ مُعَاهدةً منه على الركعتين أمام الصبح.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا صالح بن عبد الله، حدثنا أبو عوانة عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوْفَى، عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها».
أخبرنا أبو عثمان الضبي، أخبرنا أبو محمد الجراحي، أخبرنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا بدل بن المحبر، حدثنا عبد الملك بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر: بقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد.
قال مجاهد: {وأدبار السجود} هو التسبيح باللسان في أدبار الصلوات المكتوبات.
أخبرنا أبو الحسين طاهر بن الحسين الروقي الطوسي بها، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا مسدد، حدثنا خالد هو ابن عبد الله، حدثنا سهيل عن أبي عبيد عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سَبَّحَ في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وكَبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، وحَمِدَ الله ثلاثًا وثلاثين، فذلك تسعة وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر».
أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إسحاق، أخبرنا يزيد، أخبرنا ورقاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم، قال: كيف ذاك؟ قالوا: صلوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا، وأنفقوا من فضول أموالهم وليست لنا أموال، قال: «أفلا أخبركم بأمر تدركون به من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلا من جاء بمثله: تسبحون في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا».

.تفسير الآيات (41- 42):

{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)}
{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي}، أي: واستمع يا محمد صيحة القيامة والنشور يوم ينادي المنادي، قال مقاتل: يعني إسرافيل ينادي بالحشر يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} من صخرة بيت المقدس، وهي وسط الأرض. قال الكلبي: هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا. {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ}، وهي الصيحة الأخيرة، {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}، من القبور.

.تفسير الآيات (43- 45):

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} جمع سريع، أي: يخرجون سراعًا، {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا}، جمع علينا {يَسِيرٌ}.
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ}، يعني: كفار مكة في تكذيبك، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}، بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما بعثت مُذَكِّرًا، {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} أي: ما أوعدت به من عصاني من العذاب.
قال ابن عباس: قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}.